پسمے اللہ الرحمنے الرحیمے ★
..
لله سبحانه وتعالى قد سيّر الأقدار بحسبان وأنّ لكل واحد من خلقه موعداً مع القدر، قد يكون قدراً يملأ محفظته بالأوراق المالية والسندات والشيكات، وقد يكون يوماً لأجله وانتقاله إلى رحاب ربه، أو أنه يوم ينتهي معه تحصيله العلمي أو أنه يوم لزواجه ... الخ.
. إنّ عالم الناس يعايش المجهول ويكابد أيامه التي بها يقوى إيمانه وصلته بخالقه، أو تلك التي تفسد معها كل الوشائج والروابط مع الله. ومن يتأمل حياة كل منهما يجد فارقاً في أمن من قويت صلته بالله وسكينته وفي صبره، وعلى ماذا هو صابر، وجزع الآخر ومن ماذا يجزع؟ إذن هي أقدار الله مع الأيام، ومع الأرزاق والآجال وفي أمور الناس كلها ومن المعاناة مع المرض أنّ حال المريض ومعاناته تثير شفقة النفس ويرق لها القلب، وهو يرقب ما يتكبّد من قسوته ويتوجّع منه فهو الأقسى والأصعب وربما أنّ المعاناة لها وجه آخر قد يكون في فقر أو جهل
إنها دورة للأيام، تلك التي لا تستطيع بكل قدرتها وما يتوفر معها من رخاء أن تلغي ثابتاً، أو تعدل في مساره، فليس من مخرج إلاّ ذلك الذي نصل به إلى حياة أخرى، وقد حققنا أكبر قدر ممكن من التصالح مع النفس، وقبل ذلك مع خالق الكون ومدبر أيامه وظروفه، إنه الإيمان بعمل جاد مخلص يتفانى ويتوسل الرحمة والمغفرة، وما عداه فهو من قبض الريح.
نهرب
والآيات التي تؤكد على علاقة الإنسان بحياته اليوم لها ما يؤكدها بعلاقتها مع اليوم الآخر، وإنّ مسيرة الإنسان في رزقه أو صحته أو مرضه خاضعة لمشيئة الله وأقداره، وما نعانيه ليس إلاّ إمتحاناً للصبر والاحتساب، وهي فرصة نعود معها إلى الله عودة من لا يملك في يده إلاّ قبض الريح، فمهما امتلكنا أو سنملك فليس براد وجعاً في العين فقد معها البصر، وليس براد كسراً في الإبهام حيث تتعطّل معه واجبات كان يقوم بها، فعجباً لهذا الإنسان الذي تجاوز سنن الله وقوانين حياته، فسار مخدّراً حتى يستيقظ بأثر الرجفة.
نهرب
لذا فنحن ملزمون أن نسلط على الذات شيئاً من الرجفة الذاتية لنستيقظ وندرك ونرى، نرى ماذا؟ إنّ أول ما يشد الانتباه كثرة الخطايا منا يقابلها حلم الله الواسع الذي بيده ملكوت السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم. إنّ الإنسان في أحواله من عسر أو يسر حافز لمزيد من الكدح والعمل الجاد، فهذه وسيلته ومتى لاقته نتائج سعيه بخير ما يتمنى أو ما هو عكس ذلك، فأبسط ما يتوجّب الوعي به أنّ بينه وبين تلك النتائج طريقاً مجهولة تفاصيله ومكان الخيرة منه، فعليه أن لا يتبرم أو يجزع وهو مشحون بالإحباط، بل أن يتبصّر أمره بإيمان، وأن يراجع المحصلة بحساب علمي وهو مدرك أنّ أوراق حساباته ليست بكل أسرارها في حوزته، فعلمه قاصر وإنْ تعلّق بمصلحة يظنها كذلك فالخيرة رهن قدره بعلم الحق سبحانه الذي يسّر وسائل العمل والأمل، إلاّ أنّ هذا ليس عنواناً أو مدخلاً لمحجوب في علم الغيب، وهذا خط فاصل بين الجدوى من شيء أو الظن به، وبين مجهول متى تكشف أكد خيراً لنا، ومع ذلك فلنكدح ونسع، ورائدنا المتاح من علم الموضوع والأساس كله عند الله بعزّة جلاله ومطلق جماله.