اسباب الرعاف والوقاية منه
بسم الله الرحمان الرحيم
تنتج أكثر حالات الرعاف عن ارتفاع ضغط الدم وعن السعال الشديد. وقد يؤدي التواجد الطويل تحت أشعة الشمس، وكذلك حوادث السير، الى الرعاف ايضاً. والإصابات الشديدة من حوادث السير، التي تؤدي إلى تمزق الأنسجة في الوجه تسبب نزفاً شديداً قد يودي بحياة المريض. غير أن كسور الجمجمة قد تسبب نزفاً متكرراً بعد الاصابة يكون ناتجاً عن تمزق الفروع الكبيرة للشريان القاعدي والحنكي والشرايين الغربالية التي تروي تجويف الأنف.
وإزالة القشور بواسطة اليد، أو غيره عن الغشاء المخاطي للوترة، قد تسبب الرعاف، لأن الازالة المتكررة للقشور قد يؤدي إلى تآكل مخاطية الوترة، وتكشف الغضروف، ما يؤدي الى نخزة، الأمر الذي يساعد على تكرار النزف. وما يساعد على ذلك ايضاً بعض المداخلات الجراحية في الأنف، والأورام الحميدة، وبوليب نازف، وورم وعائي، وورم حلمي، والأورام الخبيثة، والأورام الوعائية الليفية في البلعوم الأنفي، وقرحة الزهري، وكذلك قرحة السل.
الأسباب العامة
مما سبق ذكره يبدو واضحاً أن أسباب الرعاف عديدة، وحالات كثيرة منه تنجم عن أمراض الأوعية الدموية، وأمراض الدم. وهو من أوائل أعراض ارتفاع الضغط الشرياني المفاجىء، أو المصحوب بتصلب الكلية. كذلك ركود الدم في حالات تشوه القلب، وانتفاخ الرئتين، وأمراض الكبد والطحال, في بعض حالات الحمل. غير أنه يكون شديداً ويهدد سلامة المريض في حالات النخرة النزفية، وفي الناعور، أو من التجلط، ونقص الصفيحات الدموية، والفرفيرية الوعائية، والالتهابات الوعائية، وتوسع الشعيرات. وأسباب النزف في جميع هذه الحالات ليست على شاكلة واحدة، لأن بعضها يكمن بخلل في عوامل تخثر الدم، في حين يكمن البعض الآخر في تغيير جدران الأوعية الدموية، مثل ابيضاض الدم، زيادة الخلايا البطانية الشبكية، ورم الأنف، وكذلك بعض الحميات كالحصبة والرشوحات والتيفوئيد والانفلونزا.
أسباب أخرى:
إلى جانب كل ما ذكرناه، فإن عوامل أخرى قد تؤدي إلى الرعاف، منها قلة أو انعدام الفيتامينات، وبشكل خاص فيتامين C، أو انخفاض الضغط الجوي. كما أن فرط حرارة الجسم والجهد الفيزيائي الكبير قد يكونان سبباً لذلك.
الأعراض
يكون الرعاف عند بعض المرضى مفاجئاً دون سابق إنذار، في حين قد يسبقه عند الآخرين صداع أو طنين في الأذنين، أو دوار وحكة، وكذلك زغزغة في الأنف. ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن خروج الدم من الأنف يمكن ان يكون من المجاري التنفسية العليا (بلعوم، حنجرة، قصبة هوائية، رئتان). وفي حالات نادرة من الأذن الوسطى، عن طريق القناة السمعية. والرعاف الناتج من الأنف يكون الدم فيه قاني اللون ونظيفاً، ويكون مرئياً بصورة جيدة على الجدار الخلفي للبلعوم، في حال رفع المريض رأسه إلى الخلف. في حين أن الدم الناتج من الرئتين، أو الأقسام السفلى من المجاري التنفسية، يكون ممزوجاً، عادة، مع الرغوة أو الزبد. وعند تنظير البلعوم لا نجد سيلاً على الجدار الخلفي.
قد يكون النزف في بعض الحالات من البلعوم الأنفي، فيعطي صورة خاطئة عن أن النزف هو من الأجزاء الخلفية للأنف، مما يسبب خطأً في التشخيص ومن ثم العلاج. وفي حالات أخرى يكون الرعاف من جانب واحد من الأنف، ويخرج الدم من الجانب السليم الآخر منتقلاً عبر البلعوم الأنفي، وهذا ما يتسبب باستعمال الدك الأمامي للجهة السليمة خطأً دون مبرر.
وأما عن غزارة الرعاف، فقد يكون بسيطاً، متوسطاً، وقد يكون غزيراً. والرعاف البسيط يكون من منطقة كيسلباخي، وعادة تبلغ كمية الدم بضع مليمترات، وتخرج في شكل قطرات في وقت قصير. ويتوقف بطبيعته دون مساعدة خارجية ولمرة واحدة، وقد يتكرر باستمرار عدة مرات. أما إذا كان الرعاف أكثر غزارة، تتراوح كمية الدم المفقودة بضع عشرات الميليمترات، لكنه لا يتعدى الغرام عند الكبار .. وهو في حالته هذه يعتبر رعافاً متوسطاً. وفي هذه الحالة تكون التغييرات في الدم ضمن الحدود الطبيعية، ويحتاج المريض الى ايقاف النزف بصورة سريعة وكاملة. فخروج الدم من الأنف عند الأطفال والمسنين، على حد سواء، لا يعطينا الصورة الصحيحة عن كمية الدم الحقيقية المفقودة، وذلك لابتلاعهم الدم عندما يسيل عن طريق البلعوم الى المعدة، وعندها يهبط الدم ويتسرع النبض ويتقيأ المريض دماً ابتلعه. وإذا ما بلغت كمية الدم المفقود، خلال أربع وعشرين ساعة، 200-1000 غم فهذا النزف يعد غزيراً ويهدد حياة المريض، حيث يهبط ضغط الدم وتتسرع دقات القلب، ويصاحب ذلك ضعف عام ووهن وتعرق. ولدى تكرار النزف يصاب المريض باضطراب نفسي يظهر في شكل لخبطة وعدم معرفة الوقت، أو أماكن تواجد المريض. وكذلك تشنجات عضلية وفزع نتيجة قلة وصول الدم الى المخ. وفي مثل هذه الحالة يتم نقل الدم إلى المريض، مع العمل على إيقاف النزيف بشكل فوري ومتزامن.
التشخيص
الرعاف بصورة عامة غير صعب التشخيص، ويمكن معرفة مكان النزف. أما إذا كان صعباً جداً، خاصة إذا كان شديداً أو غزيراً، فيعتمد التشخيص على جمع القصة المرضية (متى وبعد أي شيء ابتدأ النزف، وقوة وكمية الدم المفقود) بعدها يصار إلى تنظير الأنف الأمامي والبلعوم، بأجزائه الثلاثة (الأنفي، الفموي، والحنجري)، وتنظير الأذنين، وقياس ضغط الدم، وحساب النبض، وتحليل الدم وقياس الهيموغلوبين والهيماتوكريت، وبروثروجين الدم. وأما في حالات النزف المتكرر نعمل مخطط التجلط. وفي حال تنظير الأنف ودقة المداخلات فيه، يجب أن نكون على حذر لأن الحركات القوية داخل الأنف يمكن أن تضيف إصابة أخرى للغشاء المخاطي، وهذا يثير المتاعب للطبيب والمريض على حد سواء.
العلاج
يجب أن يكون للعلاج هدفان، هما: إيقاف النزف والحيلولة دون تكراره في المستقبل. وتقسم المداخلات الى مداخلات موضعية، وأخرى عامة، وفي أغلب الأحيان مركبة. وأبسط أنواع طرق إيقاف الرعاف هو الضغط بالإصبع جهة النزف لمدة عشر دقائق. وإذا لم يتوقف نضع قطعة صغيرة من القطن، أو الشاش الممزوج بمحلول مادة الاكسجين الطبي (بنسبة 3٪) في فتحة الأنف الأمامية لمدة 15-20 دقيقة، مع الضغط بالاصبع على جهة النزف، ويكون المريض في وضعية الجلوس مثنياً رأسه الى الأمام قليلاً. ويوضع على سطح الأنف الخارجي كيس صغير يحتوي على الثلج، أو منشفة مبلولة بالماء البارد. وتستعمل هذه الطريقة إذا كان النزف من المنطقة الأمامية للوترة. وفي حال تكرار النزف من نفس المنطقة، يمكن حقن المريض بحوالي (1٪) من محلول الفوغوكادين موضعياً في نفس منطقة النزف، أو كي ومسح المنطقة بمادة كلوراستيك، أو حمض الكروم، ويتم ذلك طبعاً بعد التخدير الموضعي، وباستعمال ضماد من قطن طبي ممزوج بمادة الكوكائين بنسبة 5٪، ومحلول الادرينالين 001٪، حيث يدك الأنف بواسطة شريط شاش طوله 60-70سم وعرضه 1سم، على أن يرطب الشريط بمرهم زيلوكائين مع الأدرينالين، وبواسطة ملقط خاص. ويكون الدك بشكل وضع نظامي لشريط الشاش على قاع تجويف الأنف، ابتداء من فتحة الأنف الأمامية وحتى الفتحة الداخلية، وتوضع في شكل طبقات فوق بعضها البعض باتجاه الأعلى. ويمكن أن يبقى شريط الشاش داخل الأنف لمدة 24-48ساعة. وبعد ذلك يسحب شريط الشاش من الأنف، بعد أن يتم ترطيبها بمحلول مادة الاكسجين. أما إذا كان النزيف شديداً، يمكن ترك شريط الشاش، قبل الدك في الأنف لمدة أكثر (حتى 6-7 أيام) تحت غطاء المضادات الحيوية عن طريق الفم أو العضل، وكذلك وضع مضادات حيوية حامض الأمينوكبرون في طبقات الشاش في الأنف. وبدلاً من شريط الشاش في دك الأنف الأمامي، يمكن استعمال إصبع مطاطي محشو بالشاش أو القطن الطبي، وكذلك أكياس مطاطية قابلة للنفخ تحتوي في داخلها أنبوبة للتنفس.
وفي حال كون النزف أكثر غزارة، ولم يعط الدك الأمامي النتائج المرجوة، نلجأ الى الدك الخلفي لمدة 48 ساعة، وفي بعض الحالات 7-8 أيام، تحت غطاء المضادات الحيوية. ويجب ان يوضع المريض تحت الرعاية الطبية الشاملة، ويعطى مهدئاً من جرعات قليلة من كبريتات المورفين، ويركب له كونيولا في أحد أوردته تحسباً لأي طارئ. ولا بد وأن يجرى فحص نقط الدم لدراسة التجلط، ونسبة الهيموغلوبين. وإذا أصبحت نسبة هذا الأخير أقل من 40٪، أو دخل المريض حالة الصدمة، ينقل له الدم عبر الوريد، وفي حال وجد عنده نقص في حالة التجلط يمكن أن يعطى فيتامين K عبر الوريد ايضا
العلاج الجراحي:
أما إذا لم تجد كل هذه الإجراءات (دك حشو أمامي وخلفي، ومهدئات) عندها نلجأ إلى العمل الجراحي، الذي يتلخص بربط الشرايين المحاذية للمنطقة النازفة
المصدر:موقع الطبي