نبدأ بسم الله
عُرف الصيام قديماً منذ ألاف السنين عند معظم شعوب العالم، وكان دائماً الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير من الأمراض. ونحن اليوم نستطيع أن نشاهد ما كتبه حكماء الإغريق منذ ألاف السنين حول فوائد الصيام من خلال المخطوطات القديمة الموجودة في متاحف العالم. ونجد الأطباء منذ القديم يوصون بالصوم مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو وجالينوس والذين يؤكدون أن الصوم هو الطريق الطبيعي للشفاء من الأمراض!
وهنا تتجلى معجزة قرأننا العظيم عندما يخبرنا عن وجود هذه الظاهرة عند الأمم قبل الإسلام، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]. والله تعالى لا يكتب شيئاً على عباده إلا إذا كان فيه مصلحة ومنفعة لهم.
وسوف نرى الأن ما يقوله الطب الحديث عن فوائد ومنافع الصيام لندرك أن القرأن عندما جعل الصيام فرضاً واجباً على المسلم إنما سبق أطباء العصر الحديث في دعوتهم اليوم إلى هذا الصيام بعدما رأوا النتائج المبهرة التي يقدمها هذا السلاح العجيب للإنسان في مواجهة مختلف الأمراض.
إن الدواء لكثير من الأمراض موجود في داخل كل منا، فجميع الأطباء يؤكدون اليوم أن الصوم ضرورة حيوية لكل إنسان حتى ولو كان يبدو صحيح الجسم، فالسموم التي تتراكم خلال حياة الإنسان لا يمكن إزالتها إلا بالصيام والامتناع عن الطعام والشراب. يقول أحد الأطباء: يدخل إلى جسم كل واحد منا في فترة حياته من الماء الذي يشربه فقط أكثر من مئتي كيلو غرام من المعادن والمواد السامة!! وكل واحد منا يستهلك في الهواء الذي يستنشقه عدة كيلوغرامات من المواد السامة والملوثة مثل أكاسيد الكربون والرصاص والكبريت.
فتأمل معي كم يستهلك الإنسان من معادن لا يستطيع الجسم أن يمتصها أو يستفيد منها، بل هي عبء ثقيل تجعل الإنسان يحسّ بالوهن والضعف وحتى الاضطراب في التفكير، بمعنى أخر هذه السموم تنعكس سلباً على جسده ونفسه، وقد تكون هي السبب الخفي الذي لا يراه الطبيب لكثير من الأمراض المزمنة، ولكن ما هو الحل؟
إن الحل الأمثل لاستئصال هذه المواد المتراكمة في خلايا الجسم هو استخدام سلاح الصوم الذي يقوم بصيانة وتنظيف هذه الخلايا بشكل فعال، وإن أفضل أنواع الصوم ما كان منتظماً. ونحن عندما نصوم لله شهراً في كل عام إنما نتبع نظاماً ميكانيكياً جيداً لتصريف مختلف أنواع السموم من أجسادنا.